ديوان تغاريد
كلمات والدي العزيز/ أحمد داود
تقديـم
بتواضع شديد ، وتردد بين الإقدام والتراجع ، وبعد طول انتظار ، أتقدم بتجربتي الأولى، نحو كتابة ما يجيش به قلبي من صدق عاطفة وإحساس مرهف بين سعادة غامرة ، وحزن دفين ، نتيجة لما يمر به الإنسان من أحداث ، وذاك ما ترجمته إلى كلمات فاض بها القلم وجمعتها في تلك الوريقات ، والتي بحثت عن أسم مجمل لها فما وجدت غير كلمة " تغاريد " لتكون خير تعبير عن تلك الكلمات التي تفيض بالصدق .
فإلى كل قارئ كريم ، وإلى كل من كانوا وحياً وملهماً لتلك الكلمات ، وإلى كل من سكن الفؤاد ، أهديهم جميعاً ديوان " تغاريد " .
أحمد داود
لست أنت
توأم أنت لمن كنت بالأمس أهواها
وسرت في دربك الطويل متلمسا لذكراها
وظننتك بوجه الشبه ستعوضينني حناياها
والتمست فيك السلوى لعلني قد أنساها
واسترجعت معك ذكريات ما كان أحلاها
وارتسمت في لقاك ما كان يشدني في لقاءاها
فما وجدت فيك ما كان يرتسم بسجاياها
وعاد حنيني إليها ولحلو عطاياها
ما أنت التي مثلها ولن أحب سواها
عـاودتهـا
عاودتها بعد طول غياب .. وكم شغفت لرؤياها
وإن أشهدت الزمان ذاكراً .. كم كنت ملبياً لنداها
وطالعتني مثلما عودتني .. ببسمة بين ثناياها
وأرهفت السمع لآهات قلب .. كان لها في قلبي صداها
وما دريت بما كانت عليه .. من أنين صامت بين جنباها
واستمعت لما تشكو منه .. بين صمت وهمس وما أضناها
ودعوت لها الرحمن .. مخففاً بما أسقاها
ألم تك تلك التي كانت توزع .. على الرعايا حناياها
وناشدتها صبراً واحتمالاً لشفاء آت بين عشية وضحاها
وغادرتها وقلبي يتهدج .. بالحزن والألم يعتصر
وعدت لدنياي وحيداً .. وبواعث أمل كادت تندثر
وارتعدت من كم هواجس .. ألمت بقلبي المحتضر
ودعوت لها الرحمن .. بعمر طويل لا ينحسر
وسجدت لله خاشعاً .. رب أدع الشفاء أن ينتصر
فإلى من ألجأ إليه راجياً .. وأنت العزيز المقتدر
يا رب لا تضن عليها .. بنعمة الشفاء المنتظر
وأعد إلينا الحبيب معافياً .. وكفى بالكأس أن ينكسر
دعيني
دعيني أهفو في الفضاء طليقاً .. فما زال قلبي أسير هواك
دعيني أرنو في الطريق وحيداً .. فما عاد في دنياي سواك
دعيني أطفئ ظمأي شراباً .. من كأس خمر مذاقه محياك
دعيني أبحث عن حبيب يؤانسني .. بعدما ضاعت آمال لقاك
دعيني أهمس عن خوالج نفس .. ونبضت قلب يخفق بنجواك
دعيني أحطم أغلال قيودي .. لرب يوماً فيه ألقاك
دعيني .. دعيني
دعيني أبوح عن سر عذابي .. وأنا المأمور بضماد جراحك
دعيني أصرخ من أعماق فؤادي .. آه وآه من لوعة فراقك
دعيني أفرغ بالدموع مداد .. أكتبها حروفاً من بريق حياتك
دعيني .. دعيني .. دعيني
لا تـقـولـي
لا تقولي أما آن الأوان لي .. ببداية الرحيل
وكيف ترحلين عنا .. وما قضيت بيننا غير قليل
وهل يبقى لي من عمر .. وأنا بعدك العليل
وكيف يحيى ظمآن .. كان يرتشف من ماءك السلسبيل
وما جدوى الحياة ببعدك عنا .. وباندثار كل جميل
سنحيا سوياً لمدى العمر .. في ظلال شجر ونخيل
لنعبر معاً دروب الحياة .. فما عاد بيننا مستحيل
كم بعدنا وما أردناه فراقاً .. وما كان لنا من سبيل
شـؤون و شجـون
أنت يا من ترددين على المسامع .. أحلى الكلمات
وتبعثين في القلوب نشوة .. تذهب الآهات
وارتسمت من رحيق عطرك على شفتي البسمات
واستقيت من كأس هواك .. شذا القطرات
لا تقولي قد مضى عنا عهد الهوى .. انه قد مات
لا تقولي قد كبرنا .. وانقضى العمر وزمانه قد فات
فكيف تموت الأرض ونحن نبثر عليها من البذور حبات
وهل تذبل الزهور وأنت تروينها .. بندى الزفرات
عودي فما عدت أضيق فراقاً وأنيناً وحنيناً وآهات
عودي فالعود لك أحمد ومن الأنين مهرب لي ونجاة
مشتـاق
أنا يا حبيبي مشتاق إليك .. وقلبي لم يزل ملك يديك
وذكرياتي الحلوة تدور حواليك .. وثغري يرتسم عليه شفتيك
وعيناي متطلعة إلى عينيك .. تعالى يا حبيبي مد لي يديك
أنا يا حبيبي مشتاق إليك
هلا جئت يا حبيبي .. لتبعد عنى الأنين
ونسترجع ما كان بيننا .. من حب وحنين
ونعيد بالهوى نشوة .. لقلب واهن حزين
ونشدو للحب فما شدونا من قبل منذ سنين
وتعالى نلتقي واسري بسمعي حديث المحبين
فكم عرفت الحب وأسكنته قلب متعبد رزين
حبنا لنا وحدنا خاشع مستكين
ونحن في هواه نتغزل به آمنين
أنا يا حبيبي مشتاق إليك
أحقاً يا حبيبي غداً يوم موعدنا
وهل كان غير الغد يوماً فيه يسعدنا
نعم يا حبيبي .. فكم الفراق يؤرقنا
تعالى نلتقي بالحب فكم منه سهدنا
وكم بأعذب ألحانه عزفنا وشدونا
وكم يا حبيبي مالت رؤوسنا وضحكنا
وذهبنا مذهب الأحباب نمرح وما هدأنا
أنا يا حبيبي مشتاق إليك
ذهبت تبحث عن الحب فهل قد وجدته ؟
الحب يا حبيبي بمكامن النفس فهل نسيته ؟
وهل ضاقت بك الدنيا فسرت تبحث عمن فقدته
لا تكد باحثاً عنه .. فكم له لوعته
وكم أقسمت بالوفاء عهداً طالما حنثته
وصببت من كأس الهوى .. ساقياً ورشفته
ونسيت عهداً للحبيب قطعته طوعاً وخنته
سل قلبي المحب إن أجاب .. وكم منه سمعته
أما زلت تجاريه الهوى .. أم لغيره هجرته
أنا يا حبيبي مشتاق إليك
رجـاء و دعــاء
سمعت منك كلمات .. كنت لها في حنين
واشتاق القلب لرؤياك .. وكم انتظرت منذ سنين
ورنا السمع لتهدجات قلب .. بين ترنم وأنين
لا تقولي قد أتعبتك .. ولا بالدعاء تشكرين
وددت فدائك بروحي .. قرباناً وحباً لتعيشين
وسجدت في محراب الصلاة .. داعياً ربي لتشفين
وكم أذرفت من دموع .. خشية لرب العالمين
رب أغش عليها بنور رحمتك .. يا أرحم الراحمين
أخاف يوماً
أخاف يوماً تطوي فيه صفحتي وتنساني
وهل نسيت كم نهلت رشفات من نبع حناني
أما كنت دوماً شادياً مغرداً بأعذب ألحاني
وكم أغدقت عليك بما ملكته سالباً فيه وجداني
أما دريت كم من العمر .. كنت فيه تهواني
وما ظننت بك غدراً .. عن اللقاء تنهاني
بالأمس كنت بالحب تدللني .. واليوم جئت بالهجر تنعاني
وعيناك خبا منهما البريق فما عادا .. مثل الأمس تبهراني
بالأمس بحلو محياك كنت تؤسرني .. واليوم بوجهك العبوس تطالعني
وكم من أخطاء غفوت عنها راضياً .. واليوم للهفوات أصبحت تحاصرني
وكم كانت يداك على خاصرتي حانية .. واليوم رنت للهجر وأضحت تخاصمني
بالأمس صفحت عن كل غوائلي .. واليوم بشكوكك النكراء تعايرني
وكلماتك المعسولة قد خف رنينها .. واليوم بأهوج الكلمات رحت تسمعني
وهمساتك كنت أرنو منك صاغية .. واليوم بالصوت الجئور تفزعني
فمن غيرك أفضى إليه آمنة .. بنهج أفراحي وعمق أحزاني
ومن يسائلني إن بعدت عنك مرغمة .. حرام عليك أن تثير أشجاني
ومن يحمل الأعباء عني طواعية .. ويضمد جرح طالما أشقاني
فلا تدعني أكد باحثة عنك .. فكم الفراق آلمني وأضناني
وكيف تجرؤ اللفظ بقول .. صار زمانك غير زماني
وكيف تجرؤ اللفظ بقول .. صار زمانك غير زماني
أتصدقين
وأنت هل تصدقين .. أو بعد هذا الحب أنساك
أما تدرين بأني ما زلت أسير على هدى هواك
وإن نسيت فلا أنسى .. كم نعمت بحلو محياك
فإن شاءت إرادة الله تفرقنا .. فحياتي كأس ملؤه ذكراك
واسألي الزمان إن أجاب صادقاً .. فأنا الحبيب مغرماً بهواك
أنهلتني من فيض حبك قطرات رشفتها من شذي حناياك
فلا تظنينني عابثاً يوم التقت عينانا وشفتاي وشفتاك
تلكم كوامن النفس قد فاضت .. حباً في لقياك
فانسابت يدايا في نشوة .. تعزف على أوتار وجنتاك
وارتعدت فرائص حسي ممزوجة .. بتهدجات ثناياك
فلا تتهمينني ظلماً بأني .. في يوم قد أنساك
وإن نسيت فكيف أنسى .. ولم يزل قلبي أسير هواك
الهـجـو
كنت أظنك .. مثل سائر نساء العالمين
تحملين في القلب نبضاً يفرق بين الهجر والحنين
فما رأيتك غير جسد بلا روح .. وبالجمود تركنين
تساوت الأمور عندك .. فما عدت لها تفرقين
ما أنت التي كنت تواقاً إليها .. وما أنت التي في بحور حبي تسبحين
أراجع نفسي فكم فاضت بينابيع حنان .. كم كنت منها تنهلين
ما عرفت أني قد غرقت في أضغاث الهوى .. وظننتك بنجوى الحب كنت تهيمين
اليوم أنهيت القصة فما عادت لها فصولاً منها تسردين
اليوم أسدلت الستار فما عاد لك دوراً فيه تمثلين
اليوم أطرح شباكي أرضاً .. خاوية العروش بلا صيد ثمين
لا تبحثين عني
لا تبحثين عني في النجوع ولا في الدروب
فما زلت هائماً في البوادي والصحاري دؤوب
لا أعرف من الزمان .. إن كان شروقاً أم غروب
ضللت الطريق إليك .. فلا تتهمينني بالهروب
وكيف أهرب وحبي إليك .. بنياناً صلداً لا يذوب
أنا وحدي هناك حبيساً .. في البر البعيد
أجتث من الأحزان وحدي .. غير سعيد
أعبر جسور الحياة .. أشقو وسط الجليد
فأنا لم أزل وحيداً .. من عش الحياة طريد
أهيم على وجهي حائراً حاملاً أقداري شريد
شارباً من كأس الهوى .. طالباً منه المزيد
وما تجدي الحياة مادمت من عش حبك طريد
أنا وحدي هناك .. في البر البعيد
لحظة من العمر
أهذه الدنيا إن حسبتك الجمال .. فأنت ظل السراب
إن حيينا نحمل الصولجان .. ونمرح تحت القباب
إن سعدنا بالحياة يوماً .. فبدئه أمل يتلوه الصعاب
الأهل والأحباب من حولنا .. وغداً يزفوننا نحو التراب
سادلين علينا الأستار .. ومغادرينا بلا حارس ولا باب
يسرعون الخطى منا فراراً .. عائدين للدنيا سعياً واقتراب
ونصير في القبر فرادى .. بلا أهل ولا مال ولا أصحاب
لا نحمل معنا من الذات غير ما صنعناه .. صدقاً كان أم كذاب
وتسألنا الملائكة عما زرعناه .. لنحصده عقاباً أو ثواب
عجيبة أنت يا دنيا .. ما فيك غير الأنين
تسألينني
تسألينني عن عمر قد مضى .. وما قضيت فيه من سنين
وما يجدي السؤال عن ماض قد نسيته .. وما عاد لي إليه حنين
أم تسألين عن آهات أطلقتها .. ودمعة أذرفتها أه لو تعرفين
كم مضى من العمر هباء .. وكم بقى منه ؟ أياماً أم سنين
ولا تسألينني عن أجمل ذكريات .. يحملها قلب مفحم حزين
كم بلغت من العمر زمناً .. عديه معي فله لن تحصين
سأبوح لك عن مكنون عمري .. وان عرفت السر فلا تفزعين
فكم تظنين أني بالغه .. أربعين أم خمسين بل ستين
دليني ماذا رأيت في صورتي .. إن كنت كهلاً أم عجوزاً من المسنين
وأفصحي لي عما يخالجك .. إن كان شبح شك أم صدق ويقين
هل لي أن أسائلك يوماً .. ما يجدي الجواب لو أردت أن تعرفين
فالعمر كزهرة أينعت براعمها .. ولا يحصى بكم أو بعدد السنين
كلمة للذكرى
عاهدت نفسي قضاء عمري دون لقائك
وانقضت السنين وقاسيت الوحشة من أليم فراقك
وعشت عمري وحيداً شارداً متلمساً أخبارك
وكم تمازج قلبي ألماً وفرحاً مشاركاً أحداثك
وكم سعدت ليال قضيتها غائراً وجدانك
وكم ارتميت في أحضان الهوى عاشقاً لغرامك
وكم من زفرات الهوى تنسمتها أصداء لأنفاسك
وكم رجوت وتمنيت بعد طول عمر سعادة بلقائك
فكم أنا في شوق وحنين لسماع كلامك
قالت لي
لا تسلني من أنت .. حبيبة لي أم غريبة
لا تسلني فليس عندي .. للسؤال إجابة مستفيضة
سل الروح إن أجابت .. كانت بالحب معك سعيدة
وسل القلب فكم .. سمعت منه لحناً وتغريدة
لا تسلني ذاك السؤال .. فأنا له غير مجيبة
لا تسلني من أنت .. حبيبة لي أم غريبة
سل الأشجار والأزهار .. فكم رددت تغانينا
وحبات الرمل في الأهرام .. كم سمعت تحاكينا
والقمر يشهد حبنا .. سله فكم في أحضانه تسامرنا
وظلمة الليل كم عدت علينا .. فما خفنا منها ولا هربنا
وناشدنا القمر البعد عنا .. وسرنا في الدرب وكم ضحكنا
لا تسلني من أنت .. حبيبة لي أم غريبة
هل تسأليني
هل تسأليني عن الماضي .. وذكرياتي الحلوة لأرويها
أأقص عليك أياماً ثقالاً .. وليان طوالاً كنت أبكيها
وما تبغين من قصتي .. إن أردت لأحكيها
محيط ماله نهاية .. وأمواج بحار غارقاً فيها
ودموعاً خططت لها مجريات .. تسحها عيني بالذكريات تسقيها
وقلب محطم بلهيب عواطف .. هوجاء تجول في النفس وللأحباب تهديها
وشراب كأس من لهيب جمر .. أرشفه قطرات من دموعي لأرضيها
وخداع حب صدقت به حسبتها الجمال وما كنت أدريها
وربيع عمر ولى جماله بأوهام أحلام كان يمنيها
هلا عرفت قصة الماضي أما عن الحاضر فلن أرويها
بعد اللي كان بينا
بعد اللي كان بينا . خليك معايا . ماتسبنيش
لا تبعد عني . واتقرب مني . ولا تهجرنيش
دا أنت اللي عندي . نور عينيا . ومن غيرك أنت . مابساويش
أنا خايفة منك . تخلف بوعدك . وتروح بعيد . ولاتجنيش
ارجعلي تاني . وخد حناني . وأفتح لي قلبك . ولا تخبيش
ومن غيرك أنت . اقربلي منك . اشكيله همي . ولا يجرحنيش
دا أنت إللي عندي . بكنوز الدنيا . وحبي عندك . ماتبعنيش
ياما راحو قبلك . وجولي بعدك . وأنا اللي غيرك . ما يعجبنيش
خليك معايا . ويا هوايا . وأيامنا الحلوة . ماتنتهيش
ظلموك حبايبك . لما قالولك . كلام كتير . مايتحكيش
صعبان عليا . تسمع كلامهم . ومن كلامي . ماتسمعنيش
لو بعت ودك . ونسيت حبك . أوفي بوعدك . ولاتنسنيش
واللا أنت ناسي . ياما كنت بقاسي . من جحد قلبك . ماتظلمنيش
وكلام الناس . لو سألوني . هقول بحبه . مايهمنيش
إرادة الله
شئت أم لم تشأ .. فتلك إرادة الله فارتضيها
وإن عبثت بك الحياة .. فأمتثل بما عبثت ولا تجافيها
وإن رميت البذور متفائلاً فرب للحصاد غيرك جانيها
وإن واصلت العمل مجتهداً .. فالشكر والحمد لغيرك ملاقيها
واضحك للحياة دوماً ما استطعت .. فالهم والحزن كأس سقم لساقيها
وامش في مناكب الأرض مبتسماً .. فالحزن بالنفس والروح راميها
وأدعو الرحمن في السر والعلن .. فالتقتير والرغد لا يداً لنا فيها
0 Comments:
Post a Comment